تمهيد :
أياً كان الشكل الذي ستتخذه نظرية المستقبل، فإن على معظمنا، أن نفيد ما أمكن من النظريات التي بين أيدينا. ومع اعترافنا، بأنها جميعاً تقصر عن الوصول إلى النظرية المثالية الواجب توافرها، فإننا نتساءل عن الفائدة التي يمكن أن نجنيها منها؟
لنظريات التعلم المختلفة - بالنسبة لمعظمنا - فائدتان أساسيتان: أحداهما هي تزويدنا بمجموعة من المفردات، وبإطار إدراكي، لتفسير أمثلة التعلم التي نلاحظها. وهذه أمور هامة بالنسبة لكل إنسان متنبه للعالم الذي يحيط به. أما الثانية، وهي متصلة بالأولى اتصالاً وثيقاً، فهي اقتراح حلول للمشاكل العملية. صحيح أن النظريات لا تعطينا الحلول ولكنها مع ذلك توجه انتباهنا إلى التحولات ذات الأهمية الأساسية في إيجاد الحلول.
في هذا التجوال الطويل نسبياً عبر النظريات خلال هذا المساق يكمن خطر كبير، ألا وهو خروج أحدنا بخليط من الانطباعات - بعضها مفيد ومثير طبعاً - ولا يرقى إلى درجة الصورة المتكاملة لنظرية التعلم الصحيحة.
مهما حاول الإنسان أن "يلتزم جانب الحقائق" فإنه ميال إلى اختيار بعض الحقائق على حساب غيرها، وأن يعمم متخطياً حدود الحقائق التي يملك، وهو يعد ميال إلى الحديث عن عمليات لا يستطيع ملاحظتها مباشرة. ولذلك فإن اختيارنا ليس بين حقائق ونظريات بل بين نظريات ضيقة وأخرى أوسع. وثمة تعميمان نستطيع القيام بهما بشيء كثير من الثقة. أولهما هو أن النظريات الضيقة يكون لها خط أكبر من الدقة من النظريات الواسعة. فكلما ازداد طموح صاحب النظرية إلى شمول حالات عديدة بنظريته قلّت الإمكانية في أن تنطبق نظريته انطباقاً على حالة معينة. وثانيهما هو أن النظرية تكون أكثر دقة إذا اعتمدت حوادث تجريبية . إن معظم مفسري التعلم يعتبرون أن النظرية المثالية المستقبلية في التعلم لابد أن تكون نظرية واسعة ودقيقة . (1)
ونتيجة لقراءاتي المتواضعة عن نظرية التعلم القائم على الدماغ تكوّن لدي شبه يقين بأن فيها تكمن الإجابات التي نبحث عنها لمعالجة المشاكل العالقة في عملية التعلم. وهذا ما دفعني لتناول هذا الموضوع في هذه المادة التدريبية التي تحاول أن تساهم في توضيح معالم هذه النظرية وكيفية توظيفها في عملية التعلم .
أهداف المادة التدريبية :
تسعى هذه المادة إلى تحقيق جملة من الأهداف وهي:
1. التعرف على آلية عمل الدماغ.
2. التعرف على ماهية نظرية التعلم القائم على الدماغ.
3. التعرف على العناصر الايجابية والسلبية في بيئة التعلم .
4. التعرف على أهمية تطوير الدماغ في مرحلة الطفولة المبكرة.
5. التعرف على كيفية توظيف نظرية التعلم القائم على الدماغ في العملية التعلمية التعليمية.
المفاهيم والمصطلحات:
علم الأعصاب: هو دراسة نظام أعصاب الإنسان، والدماغ، والقواعد العضوية للوعي، والإدراك، والذاكرة، والتعلم . (2) .
· الدماغ: نظام معقد يضم مئات الملايين من الأعصاب والأعصاب الدقيقة التي يمكن لها أن تولد عدداً فلكياً من الشبكات العصبية، والتي تتشكل في معظمها نتيجة تأثير خبراتنا اليومية . (3)
· الذكاء : قدرة جسدية نفسية لمعالجة المعلومات، التي يمكن تفعيلها، في بيئة ثقافية لحل المشكلات، أو إحداث منتجات ذات قيمة في الثقافة، أن الذكاءات ليست أشياء يمكن مشاهدتها أو حسبانها، وبدلاً من ذلك، فهي قدرات عصبية، يمكن لها أن تنشط أو لا تنشط، وذلك اعتماداً على قيمة ثقافية محددة، والفرص المتوافرة في تلك الثقافة، والقرارات الشخصية التي يتخذها الأفراد و/أو عائلاتهم، ومعلمو المدرسة، وأشخاص آخرون (Gardaer, 1999) (4).
· المعالجة النشيطة للخبرة: هي عملية تحليل مكثقة للطرق المختلفة للتعامل مع مشكلة ما وكذلك حول عملية التعلم بشكل عام مما يتيح للمتعلم اكتساب وجهة نظر معمقة حولها.(5)
الإطار النظري:
للإجابة عن التساؤلات السابقة سوف أقوم بالإجابة عن كل سؤال على حدة، وذلك بالرجوع إلى الأبحاث والدراسات التي تناولت الموضوع، والتعليق عليها وتحليلها.
أولاً / أ : تمهيد ابحاث علم الاعصاب لظهور نظرية التعلم القائم على الدماغ:
في السنوات الأخيرة بحث رجال التربية العلاقات ما بين التعليم الصفي والنظريات الجديدة حول كيفية تعلم الناس. وقد أظهرت الاكتشافات المثيرة في علم الأعصاب وتطورات علم النفس المعرفي طرقاً جديدة من التفكير فيما يتعلق بتركيب النظام العصبي لدماغ الإنسان والإدراك والعواطف التي تسهم في التعلم .
وقد استخدمت تفسيرات كيفية عمل الدماغ استعارات تتراوح ما بين الحاسوب (معالج المعلومات، التشكيل، التخزين، والتلاعب بالبيانات) إلى الغابة (الفوضى، عالم يتكون من عدة طبقات، وروابط عصبية متداخلة يعتمد كل منها على الآخر) .
وكان تحذير العلماء أن الدماغ معقد، وبينما كشفت الأبحاث بعض النتائج الهامة، فإنه لا يوجد اتفاقا شائع حول إمكانية تطبيقها على عموم الناس أو في مجال التعلم بشكل خاص. ومهما يكن الأمر، فإن الأبحاث المتعلقة بالدماغ توفر احتمالات غزيرة للتعليم حيث أصبحت التقارير الواردة عن عدة دراسات في هذا المجال مواضيع شائعة في بعض المجلات المتخصصة في مجال التعليم.
وتقوم الشركات التجارية بترجمة هذه النتائج إلى ورشات عمل تنمية متخصصة وبرامج تعليم لمساعدة المعلمين على تطبيق دروس من الأبحاث على جلسات تعليم صفية وفيما يلي مرجعيات عدد من نماذج التدريس القائم على أبحاث الدماغ.
· فرص التعلم :
يعتقد معظم علماء الأعصاب بأنه عند الولادة فإن دماغ الإنسان يضم جميع الأعصاب التي ستدوم معه. أن بعض الوصلات وخاصة تلك التي تراقب وظائف أوتوماتيكية كالتنفس ونبض القلب، تكون موجودة عند الولادة، ولكن معظم وصلات دماغ الأفراد تنتج عن التجارب والخبرات التي ترحب بالمولود الجديد، وتستمر معه طوال مراحل العمر .
أما كيفية وموعد حدوث الوصلات العصبية، فهي مسألة خاضعة للنقاش. فبعض الباحثين يعتقدون بأن الدوائر (الوصلات) تكتمل في سن الخامسة أو السادسة. وهناك دراسات أخرى تطيل فترة النمو منذ فترة الولادة وحتى أواخر مرحلة الدراسة الابتدائية.
ويشير آخرون إلى أن ارتباطات الاعصاب يمكن تعديلها طوال مراحل العمر من خلال وصلات جديدة تتشكل حتى في مرحلة متأخرة من عمر الإنسان. وبالنسبة للتربويين الذين يؤيدون وجهة النظر الأولى، يرون بأن زيادة البرامج والأنشطة الموجهة إلى أطفال مرحلة ما قبل المدرسة في غاية الأهمية ووجهة النظر الثانية تؤيد تقديم مواضيع معقدة في فترة مبكرة من المنهاج بدلاً من استخدام الطرق التقليدية. أما الثالثة، فهي تشجع جهود التعلم طوال سنوات الحياة .
إن الروابط ما بين التعلم وعدد الوصلات العصبية، أو الإطار الذهني لنمو هذه الروابط غير مفهوم بشكل واضح. ففي حالة الابصار، تشير الأدلة أنه بعد فترة نمو حساسة يصبح البصر حاداً أو أنه يفشل . أما بالنسبة لتعلم الموسيقى، فقد وجد بعض الباحثين أنه كلما ازدات مدة عزف الشخص على آلة موسيقية، كلما تكرست قشرة المخ للسيطرة على حركات الاصابع اللازمة للعزف. إن ممارسة غزف الموسيقى وتطور التعليل الخيالي (المهارات التي يمكن أن تتحول إلى فهم حسابي رياضي) تبدو مترابطة .
هذه الاستنتاجات وغيرها تشجع المعلمين والآباء على تعريض أطفال صغار جداً لسلسلة من تجارب التعلم - مثل تقديم المكعبات والأشكال الخرزية لتناولها ومشاهدتها وتفحصها، والتحدث إلى الطفل، واللعب معه.
إن منهاج NCTM ومعايير التقييم تشجع معلمي دور الحضانة على السماح للطلبة على العمل مع الأنماط ، التصنيف ، التعداد، وأن من الضروري تشجيع الأطفال على المشاركة في مناقشات حول هذه الأنماط، وإعطاء بيانات وتحليلات ، وتسلسل منطقي لها ، إضافة إلى تكوين الإحساس بالأرقام لديهم. كما أن إدخال لغة ثانية يكون بأفضل حالات نجاحه في السنوات الأولى من العمر.
وفي الحقيقة، فإن بعض الباحثين يعتبرون السنة الأولى من الحياة على أنها أفضل "نافذة للفرص" لتسريع التعلم .
العواطف والدماغ :
ربما يجد التربويين أن أفضل المعلومات المفيدة في الأبحاث هي تلك التي تركز بشكل أقل على البنية الفيزيائية والكيميائية العضوية للدماغ وبشكل أكثر على مزج الدماغ المعقد للأفكار والإدراكات، والمشاعر، والتعليلات. إلا أن الدراسات التي تبحث في تأثيرات العواطف على التعلم تشير إلى أن التوتر والخوف المتواصل في أي عمر، يمكن أن يقلل من وصلات الدماغ الطبيعية.
إن قدرات الشخص الجسمانية والعاطفية ترتبط بشكل وثيق بالقدرة على التفكير والتعلم بكفاءة . وأن البيئات المحبطة عاطفياً في المدرسة كانت أم في البيت تقلل من إنتاجيات محاولات الطلبة للتعلم. وبينما لا تستطيع المدارس السيطرة على جميع المؤثرات التي تحد من شعور شخص صغير بالأمان والعيش الكريم، فإن المدارس وغرف الصفوف التي تبني جواً من الثقة والأمان ، فإنها تعمل بذلك على تعزيز عملية التعلم.
كما أن إعطاء الطلبة فرصاً للتعبير عن مشاعرهم يمكن أن يساعدهم على بناء مهارات الاستماع إلى زملائهم وملاحظاتهم. إضافة إلى ذلك، فإن ايجاد وتوفير طرق للتعبير عن العواطف يساعد الطلبة على التعامل مع حالات الغضب، والخوف، والأذى، والتوتر في الحياة اليومية ومواقفها.
· الذكاءات المتعددة :
هنالك تفسير شائع آخر للأبحاث حول التعلم البشري وهو يعتمد على نظرية هاوارد جاردنر (Haward Gardner) للذكاءات المتعددة. وقد نشر كتابه لأول مرة سنة (3891) بعنوان "أنماط العقل" حيث أشار إلى وجود سبعة أنواع للذكاء (اللغوي، المنطقي - الحسابي، والخيالي/التخيلي، والعضلي الرياضي، والموسيقي، والشخصي، والاجتماعي) يعرضها الإنسان بأشكال فردية متميزة وفريدة.
وقد تم تبني وتحويل نظريات جاردنر إلى تفسيرات منهجية وهناك الكثير من المعلمين الذين كثيراً ما يتجاوبون مع مفهوم أن الطلبة يتعلمون من خلال طرق عديدة، كما يعتقدون بأن غرفة الصف التي توفر سلسلة فرص التعلم تضاعف رغبات عدة طلاب بالنجاح .
كما أن جاردنر نفسه يتصدى لانتشار تطبيق نظريته في كل موقف تعلمي. أن جميع المفاهيم لا تنطبق على كل تشكيله من قائمة جاردنر. ومحاولة عرض كل درس من خلال سبعة أنماط تدفع بالنظرية إلى الوراء بعيداً عن جدواها العملية. وكذلك يجب عدم استخدام هذه الأنماط على أساس أنها مؤشرات تشخيصية لمواهب الطالب.
· بيئات التعلم :
إن طرق التعليم التي يوصى باستخدامها، تتكون أساساً من محاولة الحفاظ على جو استرخائي مركز يوفر خيارات لتعلم الأفراد وبطرق ترضي أذواق الأفراد. إن المناهج القديمة نظرت للطلبة على أنهم يشبهون أحواضاً فارغة تنتظر من يقوم بملئها بالمعرفة وبذلك وفرت تبريراً للتركيبيين ليعتقدوا بأن الطلبة وبشكل مستمر يبنون مفاهيم تعتمد على خبراتهم السابقة والمعلومات الجديدة.
أما جيرالد إدلمان Grald Edelman رئيس إدارة الأعصاب الحيوية في معهد Scripts للأبحاث (الحاصل على جائزة نوبل سنة 1927، في الفلسفة) فإنه يعرض وجهة نظر عن الدماغ يمكنها أن تؤثر على مستقبل غرفة الصف. ويعتبر Edelman أن الدماغ يشبه غابة حيث تتفاعل فيها الأنظمة بشكل مستمر وموضوعي ويشير إلى أن المتعلمين قد يعيشون في بيئة توفر الكثير من طبقات المشكلات الحسية، والثقافية، وتشير أيضاً هذه الأفكار إلى أن الطلبة يمتلكون قدرات التعلم، والفهم والنمو . فإذا ما توفرت حول الطلبة تشكيلة من فرص التدريس، فإنهم سوف يشكلون الراوابط من أجل التعلم (6) .
أولاً / ب: أهم نتائج أبحاث علم الأعصاب التي ساهمت بظهور نظرية التعلم القائم على الدماغ:
لقد كشفت الأبحاث العلمية خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية الكثير من أسرار الدماغ البشري مما دفع بانطلاق النظرية ومن بين هذه الاكتشافات ما يأتي :
· إن دماغ كل شخص سليم يحتوي على واحد تريليون خلية دماغ ، بما فيها مئة بليون خلية عصبية نشيطة،و900 بليون خلية أخرى تغذي وتساند الخلايا النشيطة
· إن كل من هذه الخلايا النشيطة يمكن أن تنمو بمعدل 20 ديندرايت (تشعب)، لكي تخزن المعلومات بما يشبه فروع الشجرة .
· في وقت مبكر من الحياة، يستطيع دماغ الطفل أن يُكَوَّنَ هذه الروابط التعلمية الجديدة بمعدل مذهل يصل إلى 3 بليون في الثانية. وتعتبر تلك الروابط العنصر الرئيس في قوة دماغ الإنسان.
· يمتلك كل واحد منا أربعة أدمغة في دماغ واحد، دماغ فطري، ودماغ عاطفي، ودماغ للتوازن، ومخيخ بشري عالي التطور (النمو) .
· تحتوي قشرة المخيخ على جانبين:
أ - الجانب الأيسر "الدماغ الأكاديمي".
ب - الجانب الأيمن "الدماغ الإبداعي".
· يرتبط كل جانب بطبقة Callosum ترسل (تنقل) ملايين الرسائل في كل ثانية ما بين الجانبين الأيسر والأيمن. وكلما ازداد استخدامك لكلا الجانبين معاً، كلما ازدادت قدرتك على التعلم بسهولة .
· يمتلك دماغك الكثير من "مراكز الذكاء" المختلفة، ويستطيع كل منا أن يطور هذه "الذكاءات المتعددة" لكي يشكل قدرات طبيعية وتقوية نقاط الضعف لديه.
· كل دماغ يعمل على الأقل على أربع أطوال موجات منفصلة . الموجة الواسعة (بيتا) فهي تلك التي نستخدمها بشكل أكثر فعالية عندما نستخدم معلومات نعرفها (مثل قيادة سيارة أو التحدث بلغة نتقنها. أما موجة (الفا) فهي موجة "الانتباه المسترخي"وهي بشكل عام الأفضل لتعلم معلومات جديدة بشكل سريع.
· إن كل منا يقوم فقط باستخدام جزء بسيط/ضئيل من قدراته الدماغية. (7)
ثانياً/ثالثاً: ماهية نظرية التعلم القائم على الدماغ ومبادئها
تعتمد نظرية التعلم القائم على الدماغ على بنية ووظيفة الدماغ، وطالما أن الدماغ ليس ممنوعاً من تنفيذ عملياته الطبيعية، فإن عملية التعلم لابد أن تحدث.
كثيراً ما يقول الناس بأن كل شخص يستطيع أن يتعلم . ولكن الحقيقة هي أن كل شخص يتعلم فعلاً . إن كل شخص يولد وهو يمتلك دماغاً يعمل وكأنه وحدة معالجة ضخمة. إن التعلم من خلال الطريقة التقليدية يحول دون حدوث التعلم لأنه يترافق بظواهر من مثل عدم التشجيع والتجاهل، أو إعاقة عمليات التعلم الطبيعية لدى الدماغ .
وتشير المبادىء الرئيسة للتعلم الذي يعتمد على الدماغ إلى أن :
1. الدماغ وحدة معالجة متوازية أي أنه يستطيع تنفيذ عدة نشاطات في أن واحد مثل التذوق والشم .
2. إن التعلم يرتبط بكافة أعضاء الجسم .
3. إن عملية البحث عن المعنى فطرية .
4. تتأتى عملية البحث عن المعنى من خلال الأنماط .
5. تعتبر العواطف ضرورية لعملية التنميط .
6. يقوم الدماغ بمعالجة الكليات والجزئىات بنفس الوقت .
7. التعلم يتمضن عمليتي تركيز الانتباه والإدراك الجانبي .
8. التعلم يتضمن عمليتي الوعي واللاوعي .
9. يمتلك الإنسان نوعين من الذاكرة :
أ - التخيلية.
ب - الاعتيادية .
10. يكون فهمنا أفضل عندما تتجسد الحقائق بشكل طبيعي، وضمن ذاكرة التخيل .
11. يتم تعزيز التعلم عن طريق مواجهة التحدي، ويكون محدوداً في حالة وجود عنصر التهديد .
12. إن كل دماغ يعتبر حالة فريدة .
هنالك ثلاثة تقنيات تدريسية تصاحب التعلم القائم على الدماغ، وهي :
1. الانغماس المنسق: يقصد به خلق بيئات تعلم تغمس الطلبة في خبرات تعلمية .
2. الانتباه المسترخي: محاولة ازالة الخوف الذي يشعر به المتعلمين، وفي نفس الوقت الحفاظ على بيئة تعلم بمواصفات عالية .
3. المعالجة النشيطة: السماح للمتعلم باكتساب وتحليل المعلومات عن طريق معالجتها بطريقة فاعلة .
كيفية تأثير نظرية التعلم القائم على الدماغ على التعلم :
- المنهاج: إن من واجب معلمي المناهج أن يصمموا عملية التعلم بما يتلاءم مع اهتمامات الطلبة، وأن يجعلوا قيمة لعملية التعلم .
- التدريس: يسمح المعلمون للطلبة بالتعلم من خلال فرق وأن يستخدموا الإدراك الجانبي.ويقوم المعلمون ببناء عمليات التعلم حول مشكلات حقيقية، ويشجعون الطلبة ايضاً على التعلم من خلال جلسات خارج غرفة الصف والمباني المدرسية .
- التقييم: بما أن جميع الطلبة يتعلمون، فإن عمليات تقييمهم يجب أن تسمح لهم بفهم انماط تعلمهم ورغباتهم. وبهذه الطريقة، يستطيع الطلبة مراقبة وتعزيز عملية تعلمهم.
ما تقترحة عملية التعلم المبنية على الدماغ :
إن لكيفية عمل الدماغ تأثير هام على نشاطات وأنواع التعلم التي تعتبر أكثر فاعلية. ويحتاج المعلمون إلى مساعدة الطلبة في الحصول على الخبرات المناسبة واكتسابها والاستنتاج من خلال هذه الخبرات. كما توضح (Renate Caine) في صفحة (311) من كتابها "عمل الصلات"فهناك ثلاث عناصر هامة في هذه العملية :
·على المعلمين إشغال الطلبة (المتعلمين) في خبرات وتجارب معقدة غنية وحقيقية. ومن الأمثلة المتميزة في جعل الطلبة ينخرطون في ثقافة أجنبية لكي يعلموا الطلبة لغة ثانية. وعلى المعلمين استغلال قدرات ادمغتهم في عمليات تعليم متوازية .
· يجب أن يكون لدى الطلبة تحدياً شخصياً ذا قيمة ومعنى. إذ أن مثل هذه التحديات تثير دماغ الطالب تجاه حالة الانتباه المرغوبة.
· حتى يتمكن الطلبة من اكتساب وجهة نظر متعمقة حول احدى المشكلات، فيجب أن يكون هنالك تحليل مكثف للطرق المختلفة للتعامل معها، وكذلك حول عملية التعلم بشكل عام. وهذا ما يعرف باسم "المعالجة النشيطة للخبرة".
وهناك عدد آخر من عناصر التعلم القائم على الدماغ، وتشمل:
- تكون التغذية الراجعة بأفضل حالاتها إذا كانت من الواقع، وتكون التغذية أدنى إذا كانت من أشكال السلطة.
- يكون تعلم الناس أفضل عندما يقومون بحل مشكلات من الواقع .
- لا يمكن فصل الصورة الكلية عن التفاصيل .
ونظراً لاختلاف الادمغة، فإن من واجب التربويين السماح للمتعلمين بالتعود على بيئاتهم الخاصة .
- أن أفضل الناس القادرين على حل المشاكل ، هم أولئك الذين يضحكون .
ويضيف آخرون مبادىء أخرى لنظرية التعلم القائم على الدماغ مثل :
1. أن هناك ملايين البرامج داخل الدماغ تنتج عن التعلم المعتمد على النشاط العملي.
2. أن التغذية الراجعة تحسن برامج التعلم والتنميط في الدماغ .
3.لزيادة التعلم، يجب أن يشعر الأفراد بالأمان والسلامة. (2)
ويجب على الأشخاص أو الجهات التي تقوم بتصميم الأدوات التعليمية أن يتفننوا في خلق بيئات عقلية ودودة .
ويحتاج المدرسون إلى معرفة أن أفضل طريقة للتعلم لا تكون من خلال المحاضرة، بل عن طريق المشاركة في بيئات واقعية تسمح للمتعلمين بتجربة أشياء جديدة بشكل آمن. (5)
رابعاً/خامساً: العناصر الإيجابية والسلبية في بيئة التعلم :
في الكثير من بيوتنا فإننا وعن غير قصد لا نشجع التعلم وتطور أطفالنا. علماً بأنه من الضروري استغلال التقنيات التي تلائم مهارات التعليم الفريدة للطفل، فإن لغالبية أطفالنا تمثل بيئة التعلم العامل الأهم في تحديد مدى وكيفية تعلمهم .
وعليه، فإن درجة ما يتعمله أطفالنا هو انعكاس لمدى حبهم للتعلم، كما أن مدى حبهم للتعلم يرتبط بشكل وثيق بمدى معرفتهم وإدراكهم لأنفسهم . إننا جميعاً نحب القيام بأشياء نتقن أداءها، وإذا أعطي لنا الخيار فإننا كثيراً ما نتجنب أداء الأشياء التي نشعر أننا نتقنها. إننا نحب النجاح، كما أن النجاح يحفزّنا. فالطفل القوي يحب المصارعة بالأيدي، والطفل السريع يحب الدخول في السباقات، ... الخ.
وعندما نعرف وندرك بأننا نمتلك قدرة على القيام بشيء بشكل جيد ، فإننا نشعر بحماس كبير أثناء تنفيذ ذلك العمل، ونريد أن نقوم بأداء الكثير من مثل هذا العمل، وكنتيجة لذلك، فإننا نصبح أفضل وأفضل في أدائه .
إن الأطفال الذين يتعلمون الاستمتاع بالقراءة لن يحتاجوا إلى تقنيات خاصة للقراءة، وإذا ما حدث شيء، فإن مشكلتنا تصبح هي التأكد من أنهم لا يأخذون ضوءاً معهم إلى السرير من أجل القراءة وهم تحت الغطاء ، وهؤلاء الأطفال يقرأون كثيراً، وهم متحمسون ذاتياً، ونتيجة لذلك، فإنهم يقرأون بشكل جيد . وفي بيئة المنزل، فإن تشجيع الأطفال على القراءة يعتبر العنصر الأكثر أهمية والذي يجب أخذه بالاعتبار.
إن أطفالنا يتعملون نتيجة للمدخلات التي تتلقاها عقولهم من خلال حواسهم. كما أن ما يتعملونه هو انعكاس للتكرار (كم مرة) والكثافة (قوة المدخلات)، والمدة (مدة بقاء المدخلات) التي تتلقاها عقولهم. وربما نستطيع أن نجعل طفلاً يبقى في مكان واحد لفترة طويلة من الوقت (مدة) وفي الأثناء نقوم بمراجعة المادة (التكرار) أكثر من مرة، ولكن الطفل يستطيع السيطرة على كثافة المدخلات. ويمكن تشغيل أو اطفاء الطفل، فإذا ما تم تشغيله، فإنه يتعلم بشكل سريع، أما إذا حدث العكس ، فإن عملية التعلم لن تحدث أبداً .
إن عملية توجيه (تشغيل) الطفل نحو التعلم، أو ثنيه (اطفائه) يمكن أن تحدد من خلال العناصر الايجابية أو السلبية لبيئة التعلم. إن البيئة الايجابية تشجع التعلم، أما البيئة السلبية فإنها تخلق عجزاً عصبياً ، وتدمر التشجيع والحماس للتعلم .
فعلى سبيل المثال، عندما يقوم طفل في الصف الثاني باكمال واجب في مادة الرياضيات ويقوم الوالد بالتعليق، فإن هذه الملاحظات ربما تكون إيجابية (هذا يجعل الطفل يدرك أن أداءه جيد)، أو سلبية (يمكن لهذا أن يحبط ويدمر حماس الطفل) .
وفي حالات كثيرة ، تأتي الاستجابة السلبية بشكل طبيعي ، وبناءً عليه، فإن من واجبنا أن نتعلم كيف نكون ايجابيين. أنظر إلى أوجه الاختلاف ما بين الاستجابات الايجابية والسلبية لثلاثة أطفال من الصف الثاني بعد أن أكملوا إحدى المهام التي تتكون من عشر أسئلة حسابية.
- سلبية: (جوني ) أنت فتى ذكي جداً، وأتوقع منك الكثير. لقد أخطأت اليوم في مسألة واحدة، وعليك أن تعمل بجد أكثر وأن تكون أكثر انتباهاً في المرات القادمة .
- ايجابية: (جوني) هذا رائع، لقد أجبت على تسعة أسئلة إجابة صحيحة. كم أنت ذكي؟
- سلبية: أليس، لقد أخطأت في ثلاثة أسئلة، يمكن أن تكوني أفضل من هذا. اخشى إنني لا أستطيع أن أقدم لك ملصقاً لوجه مبتسم.
-ايجابية: أليس: ذلك رائع! لقد أجبت على سبعة أسئلة إجابة صحيحة، أما الأسئلة الثلاثة المتبقية فقد كانت صعبة على تلك الصفحة. سوف أوضح لك كيف يمكن حل هذه الأسئلة الصعبة .
- سلبية: بيلي. هذا مرعب. لقد أجبت عن أكثر من نصف الأسئلة إجابة خاطئة. انك لا تقوم بالمحاولة ! إنني مضطر لاستدعاء والدتك .
- ايجابية: مرحباً بيلي، انك تحرز تقدماً. أنظر ! لقد أجبت على هذا، وهذا، وهذا إجابات صحيحة. رائع! أريدك أن تراقبني بينما أقوم بحل الأسئلة الأخرى. إنني واثق أنك سوف تحلها بشكل صحيح في المرة القادمة.
أما أعراض البىئة السلبية فإنها تشمل الانتباه السلبي وما يرافقه من سلوكيات، مثل: التحدي، قلة الدافعية، الغضب، ضعف الثقة بالنفس، وقلةالتطور والتعلم. ولكن ، هل يستطيع الأطفال التطور والتعلم في بيئة سلبية؟
نعم ، معظمهم يفعلون، ولكن الأطفال لا يستطيعون النجاح والازدهار في بيئة سلبية، كما أنهم لا يستطيعون التطور والتعلم كما يحدث في بيئة إيجابية مشجعة.
إن البيئة الايجابية الخلاقة للتعلم يمكن أن تغير تصرفات طفلك بشكل كبير ومؤثر، كما هو الحال بالنسبة لصورة الذات، ومستوى المخرجات. وما نحصل عليه هو انعكاس لما ادخلناه. وإذا لم نكن راضين عن المخرجات، فعلينا دراسة وفحص وتعديل المدخلات.
ولخلق بيئة ايجابية، أظهر ما يعرفه طفلك وما يستطيع القيام به بشكل ناجح، وبالمقابل،فإنه سوف يتشجع ويقوم بأداء المزيد ! إن المهم هو ما نعرفه وليس ما لا نعرفه.(8)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق