تربية الأبناء بالرفق

السبت، 5 يناير 2013

ايهما يحتاجه الطفل أكثر الأم العاملة أم المتفرغة (2)


في الجزء الأول تحدثنا عن عمل المرأة وذكرنا الأراء التي تؤيد عملها لما في ذلك من مصلحة للأبناء والأسرة. 
واليوم سنستعرض ما قيل في عمل المرأة والآثار السلبية المترتبة على ذلك من وجهة نظر من يفضل الأم المتفرغة لبيتها وتربية الأبناء. 

فالبعض يرى أن الأم الغير عاملة تشعر بالإستقرار والراحة وهذا بدوره  أيضا ينعكس على البناء في العطاء والرعاية والتربية في الخارج. 

ورأى مختصون آخرون كالألمان مثلا ان هناك صورة سيئة تم ربطها بين المرأة العاملة وانجاب الأطفال. 
وفي أمريكا يطلقون على المرأة التي لا تعمل أنها full time jobs أي انها تعمل عمل يوم كامل وهذا اعتراف منهم بالمجهود الذي تقوم به ربة المنزل طوال اليوم. 

يستشهد البعض بما حرصت عليه بعض الدول الأجنبية من سن قانون يسمح للمرأة بأن يعطوها نصف راتبها مقابل أن تتفرغ لتربية أبنائها. 





أولا دراسة بريطانية: انهيار(( أسطورة)) الأم العاملة



يبدو أن مبدأ "دعم المساواة بين الجنسين" الذي تعليه بريطانيا والولايات المتحدة في طريقه للانهيار بعدما كشفت دراسة بريطانية حديثة عن وجود "قلق متزايد" إزاء تأثر الحياة الأسرية للأم العاملة التي تحاول الموازنة بين متطلبات العمل وتربية ورعاية الأطفال.

فقد أوضحت الدراسة التي أجرتها جامعة كامبريدج، ونشرت نتائجها الصحف البريطانية، أن عددًا متزايدًا من الرجال والنساء البريطانيين أصبحوا يعتقدون أن المرأة مكانها في المنزل، وأنه من المستحيل أن تكون أمًا خارقة أو أمًا "سوبر"، من خلال الوفاء بالتزامات العمل بالإضافة لرعايتها أسرتها، خاصة إذا كان بها أطفال صغار.

"الوميض يخبو"

وتقول "جاكلين سكوت" أستاذة علم الاجتماع التجريبي -التي أعدت الدراسة- من خلال تحليل بيانات في السلوك الاجتماعي خلال العقود الثلاثة الأخيرة: إن "وميض الأم الخارقة بدأ يخبو".


وأشارت "سكوت" في دراستها إلى أن مؤشرات دعم ما يسمى "المساواة بين الجنسين" وصلت لأعلى معدلاتها خلال التسعينيات، لكن الأعوام الأخيرة شهدت تراجعًا، خاصة فيما يتعلق بقدرة المرأة على العمل ورعاية الأسرة في آن واحد.
وأوضحت الدراسة أن حالة البلاد الاقتصادية تجعلها بحاجة شديدة لعمل المرأة التي تشكل أكثر من 45% من الأيدي العاملة في بريطانيا، مشيرة إلى أن الحكومة في المقابل لا تقوم برصد المظاهر الاجتماعية السلبية لعمل المرأة أو علاجها.
وتقول الخبيرة الاجتماعية في دراستها التي وضعتها في كتاب جديد أطلقت عليه (النساء والعمل: الحياة المتغيرة والتحديات الجديدة): "أصبح هناك دليل واضح على أن الدور الجديد للمرأة (من دورها التقليدي في المنزل إلى دورٍ متساوٍ في العمل مع الرجل) يكلفها وأسرتها الكثير".

الدراسة لفتت النظر إلى أن الكثير من النساء العاملات يؤجلن الإنجاب للتفرغ للعمل، كما أن هناك العديد منهن يعدن سريعًا للعمل بعد إنجابهن أطفالاً يودعنهم دور رعاية، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى ارتفاع هائل في الطلبات على دور رعاية الأطفال.

واستندت دراسة "سكوت" لإحصاءات مستقاة من برنامج المسح الاجتماعي الدولي، واستطلاعات أخرى للرأي العام في بريطانيا والولايات المتحدة منذ الثمانينيات.

وأظهرت استطلاعات الرأي أنه في 1994 رأى 51% من النساء و52% من الرجال في بريطانيا أن الحياة الأسرية لن تعاني من خروج المرأة للعمل، لكن بحلول 2002 انخفضت تلك النسب لـ46% للنساء و42% للرجال.

كما انخفض عدد الذين يعتقدون أن العمل هو الوسيلة المثلى لاستقلال المرأة من 60% إلى 54% بالنسبة للنساء. 

وكانت النتائج الأسوأ في الولايات المتحدة، حيث انخفضت نسبة الذين يعتقدون أن الحياة الأسرية لن تتأثر بعمل المرأة من 51% عام 1994 لـ38% في 2002.


ثانيا اعتمد بعض الباحثين في حديثهم عن الأثر النفسي السيئ للمرأة العاملة وأثر ذلك على الأبناء

 أن عمل المرأة وخروجها من البيت، وتعاملها مع الزميلات – أو الزملاء – والرؤساء، وما يسببه العمل من توتر ومشادات - أحياناً-، يؤثر في نفسيتها وسلوكها، فيترك بصمات وآثاراً على تصرفاتها، فيفقدها الكثير من هدوئها واتزانها، ومن ثم يؤثر بطريق مباشر في أطفالها وزوجها وأسرتها.
إن نسبة كبيرة من العاملات يعانين من التوتر والقلق الناجمين عن المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهن، والموزعة بين المنزل والأولاد والعمل؛ لذا فإن بعض الإحصاءات ذكرت أن 76% من نسبة الأدوية المهدئة تصرف للنساء العاملات.

الاكتئاب النفسي

 فقد قام معهد الصحة النفسية بإحصاء توصل فيه إلى أن الأرق والاضطراب والانفعال المستمر، أدى إلى أن أصبحت الحبوب المنومة والمهدئة جنباً إلى جنب مع أدوات الزينة في حقائب النساء، وتقول الكثيرات: إن حياتهن الزوجية أصبحت لا تطاق، والكلمة التي تواجه بها الزوجة زوجها حين العودة من العمل (اتركني فإني مرهقة)، حتى علاقتها مع أولادها صار يسودها الانفعال والقسوة وارتفاع الصوت والضرب الشديد.

فقد نشرت مجلة (هيكاسا جين) الطبية أنه لا يكاد يوجد مستشفى أطفال في أوربا وأمريكا إلا وبه عدة حالات من هؤلاء الأطفال المضروبين ضرباً مبرحاً.
وفي عام (1387هـ -1967م)، دخل المستشفيات البريطانية أكثر من 6500 طفل مضروب ضرباً مبرحاً أدى إلى وفاة 20% منهم، وأصيب الباقون بعاهات جسدية وعقلية مزمنة.

ثالثا تحدث أيضا المعارضين لعمل الأم وقالوا:

أن لعمل المرأة سلبيات عمل المرأة منها:

1- الاعتماد على المربية أو دور الحضانة للاهتمام بالأطفال فيفقد الطفل الكثير من حنان الأم نظرا لانشغالها في العمل على عكس المرأة التي لا عمل لها وتقوم بدورها الطبيعي في منزلها و تعطي جل وقتها لأفراد الأسرة و المنزل.
2- هناك الأضرار الاجتماعية و النفسية التي يتركها بعد الأم عن أطفالها و منزلها خصوصا في سن النمو و هو ما يترك فرصة للأطفال لتعلم أمور خاطئة و التقليد الأعمى لتصرفات الآخرين .
3- قد ينتقل سلبيات عملها إلى المجتمع و خصوصا المجتمعات العربية .
4- هناك إمكانية لتفكك الأسرة وخصوصا بغياب الزوج والمعول الأول للأسرة وذلك لظروف عمله الذي يحتم عليه كثرة سفره خارج البلاد .
5- إذا كان للمرأة الحق في العمل ، ماذا بقي للبيت و الأسرة ، من سوف يهتم بهم ، هل نتركهم للصدفة أم نحضر المربية التي يتعلق بها الطفل أكثر من أمه .
6- أعتقد أن مسؤولية البيت و الأسرة هي أكبر عمل تستطيع المرأة أن تؤديه اتجاه أسرتها و مسؤوليتها الاجتماعية من أجل تكوين أسرة صالح
ة .



نعم هناك  آثار سلبية لعمل المرأة وخروجها من بيتها:

 فمن المسلم به أن خروج المرأة من بيتها للعمل قد سبب أضراراً مختلفة على المرأة، والأسرة، والمجتمع، أضراًراً اجتماعية، وأخلاقية، واقتصادية، ونفسية، وصحية، ويمكن إيجازها بالنقاط التالية: 

 فعن إهمال الأطفال من العطف والرعاية.
 فلا شك أن عملية التربية تقوم على الحب والصدق والملاحظة طول الزمن، وبدون ذلك لا تتحقق التربية، ومحاضن الرضع والأطفال عند الآخرين، تظهر أنها لا تحقق للأطفال ما يتحقق لهم في بيوتهم؛ لأن المربية في المحضن مهما كانت على علم وتربية فإنها لا تملك قلب الأم، فلا تصبر، ولا تحرص، ولا تحب كما تفعل الأم. المرأة العاملة تعود من عملها مرهقة متعبة، فلا تستطيع أن تتحمل أبناءها، وقد يدفعها ذلك إلى ضربهم ضربًا مبرحًا، حتى انتشرت في الغرب ظاهرة الطفل المضروب،

إن من أعظم وأخطر أضرار عمل المرأة على طفلها الإهمال في تربيته، ومن ثم تهيئة الجو للانحراف والفساد، ولقد شاع في الغرب عصابات الإجرام من مدخني الحشيش والأفيون وأرباب القتل والاغتصاب الجنسي، وأكثرهم نتاج للتربية السيئة أو لإهمال الأبوين وظهر من إحدى البحوث التي أجريت على نساء عاملات أن هناك 22 أثرًا تتعلق بصحة الطفل، منها: الاضطرار إلى ترك الطفل مع من لا يرعاه، والامتناع عن إرضاع الطفل إرضاعًا طبيعيًا، ورفض طلبات الأطفال في المساعدة على استذكار الدروس، وترك الطفل المريض في البيت أحيانًا.

ومما يؤكد ذلك ما أشارت إليه عالمة غربية، حيث تقول: "من الأمور الجوهرية لصحة الطفل النفسية أن تتفرغ الأم لطفلها الرضيع، وتمنحه معظم وقتها خلال السنتين الأوليين من حياته على الأقل. إن ترك الطفل لساعات طويلة مع الأقارب، أو الجيران، أو في مركز من مراكز الرعاية النهارية، لا يضمن – دائماً – تمتعه بالرعاية الدافئة الثابتة التي يحتاجها، ليس هناك شك في أن ظروفاً اقتصادية تضطر الأمهات لئن يخرجن للعمل، ولكن ينبغي أن تتلافى الأم – بقدر الإمكان – الخروج للعمل خلال السنتين أو السنوات الثلاث من عمر الطفل، فخلال عملي ومن خبرتي كنت أجد الأطفال ذوي المشاكل النفسية، هم الذين عانوا حرماناً عاطفياً كبيراً في طفولتهم المبكرة؛ بسبب غياب أمهاتهم الطويل في أعمالهن، ولا يخفى أن الأم بعد عودتها من عمل يوم طويل مضن في أشد حالات التوتر والتعب؛ مما يؤثر على تعاملها مع طفلها مزاجياً وانفعالياً".

فهل يوازي ما يخسره الأولاد من عطف الأمهات وعنايتهم ما تعود به الأم آخر النهار من دريهمات ؟؟
وفي دراسة عن البيئة النفسية للطفل وعلاقتها بالعنف تحدثت الباحثة أ.كوسة بوجمعة وقالت


 تعتبر الأم أداة الاتصال الإنسانية الأولى  للطفل، وهي معلمه النفسي والاجتماعي الأول ، وبذلك تشكل نمط شخصيته وتحدد اتجاهاته، فهو يتأثر إلى حد كبير بالجو الأسري وخاصة باتجاهات الوالدين وما يتبعانه من أساليب في تنشئة الطفل.
وكثيرا ما تلجا الأمهات العاملات إلى ترك أطفالهن عند إحدى القريبات ، وفي غالب الأحيان في روضات الأطفال ، أين تكون ألام أكثر اطمئنانا على أطفالها ،كونهم في أيادي أمينة وحتى مؤهلة لمثل هذا الدور الذي استحدثته ظروف الحياة .
إن القراءة الاجتماعية والنفسية لهذه التطورات ، ورغم التوزيع الحديث للمؤسسات التي تتكفل بعملية التنشئة الاجتماعية – في ظل وجود الروضة- رأت أن العنف ينشأ عند الأطفال في سنوات مبكرة للغاية ، حيث أن بعض الأطفال يبدون نوعا من العدوانية المادية والمعنوية ، تتطور في كثير من الأحيان لتصبح عنفا بالمعنى المتعارف عليه ، وهذا في ظل توفر وبقاء الأسباب التي مهدت لذلك.
وتكمل الباحثة أن ما حاولنا الوقوف عليه في هذه الدراسة التي كانت عبارة عن بحث ميداني بروضة أطفال حكومية بمدينة سطيف ، استهدفت ملاحظة السلوك العدواني عند الأطفال في سن مبكرة من 3-5 سنوات وعلاقة ذلك بالعنف.حيث احتوت عن مقدمة وضعنا فيها الموضوع في إطاره العام مع إثارة للمشكلة , ثم حاولنا ضبط الموضوع من جانب المصطلحات وعلاقة العنف ببعض المفاهيم الأخرى, ثم عرجنا على أبعاد العنف في الوسط الأسري وأهم مظاهره, ومن ثم عرضنا أهم النظريات المفسرة له, وتحدثنا عن العنف في الإسلام ومغزاه, إلى جانب تخصيص عنصر يتطرق لخروج الأم للعمل ،كما تطرقنا في عنصر آخر إلى الحرمان العاطفي وانعكاساته على نفسية الطفل ثم أدرجنا بعض الحلول والاقتراحات الشخصية الكفيلة بالسيطرة على ظاهرة العنف لدى الأطفال، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة.


إن ظاهرة العنف لم تعد تلك الأفعال العدوانية التي نراها عند الكبار فحسب , بل أصبحنا نراها ونلحظها عند الأطفال الصغار أيضا, بأفعال وتصرفات لا تقل خطورة عن عنف الكبار .إن التقليد والمحاكاة باعتبارهما أهم عمليات التنشئة الاجتماعية ،ولدا العنف عند هذه الفئة من فئات المجتمع ، والتي كان من المفروض أن تتلقى رعاية واهتماما يليق بسنهم ، خاصة وأن أصبع الاتهام في مثل هذا السن – في أحداث العنف-يوجه مياشرة لدور الوالدين بصفة عامة ، وإلى الأم بصفة خاصة .
إن التطورات المادية والاجتماعية لعبت دورا هاما جدا في استفحال ظاهرة العنف .فالتلفاز والصور واللعب وتفاعل المجتمع وعمل المرأة ، كلها من الأمور المتسارعة التي كان لها دورها في المساهمة العنفية وتقتصر دراستنا عن دور عمل المرأة العاملة خارج البيت ودورها كأم داخل البيت، وتأثير ذلك على تخصيص جزء من وقتها لأجل أطفالها ،حتى يكتسبوا الحنان الكافي منها ، خاصة وأن دفئ الأم وحنانها والتقرب إليها والنوم في حجرها، كلها  عوامل بقدر ما تخلق علاقة تقارب وعلاقة حميمية بين الطفل وأمه ، بقدر ما تكسبه تلك الحصانة والمناعة ضد العنف والعدوانية ، لأن الطفل إذا ما تشبع بالحنان الكافي ويتربى عليه فإنه سوف يبحث عن طريقة لإعطائه للآخرين لا أن يبحث عنه في حالة افتقاده .
إن عمل الأم خارج البيت يفرض عليها البقاء لفترة طويلة في مكان العمل ، وترك الأطفال الغير متمدرسين – لم يبلغوا سن التمدرس- في دور الحضانة ، ظاهرة تفشت في المجتمع الجزائري منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن .هذا الأمر بقدر ما يحمل ضرورات أملتها ظروف الحياة ، بقدر ما يحمل مخاطرة كبيرة تتمثل في فقدان الطفل تلك الصلة بينه وبين أمه في هذه المرحلة من الطفولة التي نتحدث عنها ، خاصة وأن المرأة تكون أمام إلتزامات خارج البيت في عملها ، وإلتزامات داخل البيت بعد الرجوع إليه آخر النهار .ومن هنا تكمن اشكالية توفيق المرأة بين دورها كعاملة ، وبين دورها كربة بيت ، وبين دورها كأم ، وأهمية الدور الأخير ، لما يشكله من مخاطرة لأجيال قد تتبنى العنف كسلاح اتجاه المجتمع ،كتعبير لا شعوري عن فقدان العطف والحنان من الأم في مرحلة معينة من مراحل حياته .
( بتصريف من بحث الحرمان الجزئي من الأم العاملة وعلاقته بالعنف
أ.كوسة بوجمعة --- جامعة جيجل/ الجزائر)


عرضنا اليوم بعض الدراسات التي تحث على تفرغ الأم لرعاية ابنائها وبيتها وزوجها 
القاكم على خير في الموضوع الأخير والمتعلق ببعض ملاحظاتي .وحتى ذلك الحين أترككم في رعاية الله وأمنه 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق