تربية الأبناء بالرفق

الأربعاء، 15 مايو 2013

شاركني قراءة بحث .. نظرية التعلم القائم على وظيفة الدماغ " الإطار النظري" إعداد أحمـد عياصـرة (1)




تمهيد : 

أياً كان الشكل الذي ستتخذه نظرية المستقبل، فإن على معظمنا، أن نفيد ما أمكن من النظريات التي بين أيدينا. ومع اعترافنا، بأنها جميعاً تقصر عن الوصول إلى النظرية المثالية الواجب توافرها، فإننا نتساءل عن الفائدة التي يمكن أن نجنيها منها؟ 

لنظريات التعلم المختلفة - بالنسبة لمعظمنا - فائدتان أساسيتان: أحداهما هي تزويدنا بمجموعة من المفردات، وبإطار إدراكي، لتفسير أمثلة التعلم التي نلاحظها. وهذه أمور هامة بالنسبة لكل إنسان متنبه للعالم الذي يحيط به. أما الثانية، وهي متصلة بالأولى اتصالاً وثيقاً، فهي اقتراح حلول للمشاكل العملية. صحيح أن النظريات لا تعطينا الحلول ولكنها مع ذلك توجه انتباهنا إلى التحولات ذات الأهمية الأساسية في إيجاد الحلول. 

في هذا التجوال الطويل نسبياً عبر النظريات خلال هذا المساق يكمن خطر كبير، ألا وهو خروج أحدنا بخليط من الانطباعات - بعضها مفيد ومثير طبعاً - ولا يرقى إلى درجة الصورة المتكاملة لنظرية التعلم الصحيحة. 

مهما حاول الإنسان أن "يلتزم جانب الحقائق" فإنه ميال إلى اختيار بعض الحقائق على حساب غيرها، وأن يعمم متخطياً حدود الحقائق التي يملك، وهو يعد ميال إلى الحديث عن عمليات لا يستطيع ملاحظتها مباشرة. ولذلك فإن اختيارنا ليس بين حقائق ونظريات بل بين نظريات ضيقة وأخرى أوسع. وثمة تعميمان نستطيع القيام بهما بشيء كثير من الثقة. أولهما هو أن النظريات الضيقة يكون لها خط أكبر من الدقة من النظريات الواسعة. فكلما ازداد طموح صاحب النظرية إلى شمول حالات عديدة بنظريته قلّت الإمكانية في أن تنطبق نظريته انطباقاً على حالة معينة. وثانيهما هو أن النظرية تكون أكثر دقة إذا اعتمدت حوادث تجريبية . إن معظم مفسري التعلم يعتبرون أن النظرية المثالية المستقبلية في التعلم لابد أن تكون نظرية واسعة ودقيقة . (1) 

ونتيجة لقراءاتي المتواضعة عن نظرية التعلم القائم على الدماغ تكوّن لدي شبه يقين بأن فيها تكمن الإجابات التي نبحث عنها لمعالجة المشاكل العالقة في عملية التعلم. وهذا ما دفعني لتناول هذا الموضوع في هذه المادة التدريبية التي تحاول أن تساهم في توضيح معالم هذه النظرية وكيفية توظيفها في عملية التعلم . 





أهداف المادة التدريبية : 



تسعى هذه المادة إلى تحقيق جملة من الأهداف وهي: 

1. التعرف على آلية عمل الدماغ. 

2. التعرف على ماهية نظرية التعلم القائم على الدماغ. 

3. التعرف على العناصر الايجابية والسلبية في بيئة التعلم . 

4. التعرف على أهمية تطوير الدماغ في مرحلة الطفولة المبكرة. 

5. التعرف على كيفية توظيف نظرية التعلم القائم على الدماغ في العملية التعلمية التعليمية. 

المفاهيم والمصطلحات: 



علم الأعصاب: هو دراسة نظام أعصاب الإنسان، والدماغ، والقواعد العضوية للوعي، والإدراك، والذاكرة، والتعلم . (2) . 

· الدماغ: نظام معقد يضم مئات الملايين من الأعصاب والأعصاب الدقيقة التي يمكن لها أن تولد عدداً فلكياً من الشبكات العصبية، والتي تتشكل في معظمها نتيجة تأثير خبراتنا اليومية . (3) 

· الذكاء : قدرة جسدية نفسية لمعالجة المعلومات، التي يمكن تفعيلها، في بيئة ثقافية لحل المشكلات، أو إحداث منتجات ذات قيمة في الثقافة، أن الذكاءات ليست أشياء يمكن مشاهدتها أو حسبانها، وبدلاً من ذلك، فهي قدرات عصبية، يمكن لها أن تنشط أو لا تنشط، وذلك اعتماداً على قيمة ثقافية محددة، والفرص المتوافرة في تلك الثقافة، والقرارات الشخصية التي يتخذها الأفراد و/أو عائلاتهم، ومعلمو المدرسة، وأشخاص آخرون (Gardaer, 1999) (4). 

· المعالجة النشيطة للخبرة: هي عملية تحليل مكثقة للطرق المختلفة للتعامل مع مشكلة ما وكذلك حول عملية التعلم بشكل عام مما يتيح للمتعلم اكتساب وجهة نظر معمقة حولها.(5)

الإطار النظري: 

للإجابة عن التساؤلات السابقة سوف أقوم بالإجابة عن كل سؤال على حدة، وذلك بالرجوع إلى الأبحاث والدراسات التي تناولت الموضوع، والتعليق عليها وتحليلها. 

أولاً / أ : تمهيد ابحاث علم الاعصاب لظهور نظرية التعلم القائم على الدماغ:



في السنوات الأخيرة بحث رجال التربية العلاقات ما بين التعليم الصفي والنظريات الجديدة حول كيفية تعلم الناس. وقد أظهرت الاكتشافات المثيرة في علم الأعصاب وتطورات علم النفس المعرفي طرقاً جديدة من التفكير فيما يتعلق بتركيب النظام العصبي لدماغ الإنسان والإدراك والعواطف التي تسهم في التعلم . 

وقد استخدمت تفسيرات كيفية عمل الدماغ استعارات تتراوح ما بين الحاسوب (معالج المعلومات، التشكيل، التخزين، والتلاعب بالبيانات) إلى الغابة (الفوضى، عالم يتكون من عدة طبقات، وروابط عصبية متداخلة يعتمد كل منها على الآخر) . 

وكان تحذير العلماء أن الدماغ معقد، وبينما كشفت الأبحاث بعض النتائج الهامة، فإنه لا يوجد اتفاقا شائع حول إمكانية تطبيقها على عموم الناس أو في مجال التعلم بشكل خاص. ومهما يكن الأمر، فإن الأبحاث المتعلقة بالدماغ توفر احتمالات غزيرة للتعليم حيث أصبحت التقارير الواردة عن عدة دراسات في هذا المجال مواضيع شائعة في بعض المجلات المتخصصة في مجال التعليم. 

وتقوم الشركات التجارية بترجمة هذه النتائج إلى ورشات عمل تنمية متخصصة وبرامج تعليم لمساعدة المعلمين على تطبيق دروس من الأبحاث على جلسات تعليم صفية وفيما يلي مرجعيات عدد من نماذج التدريس القائم على أبحاث الدماغ. 

· فرص التعلم : 

يعتقد معظم علماء الأعصاب بأنه عند الولادة فإن دماغ الإنسان يضم جميع الأعصاب التي ستدوم معه. أن بعض الوصلات وخاصة تلك التي تراقب وظائف أوتوماتيكية كالتنفس ونبض القلب، تكون موجودة عند الولادة، ولكن معظم وصلات دماغ الأفراد تنتج عن التجارب والخبرات التي ترحب بالمولود الجديد، وتستمر معه طوال مراحل العمر . 

أما كيفية وموعد حدوث الوصلات العصبية، فهي مسألة خاضعة للنقاش. فبعض الباحثين يعتقدون بأن الدوائر (الوصلات) تكتمل في سن الخامسة أو السادسة. وهناك دراسات أخرى تطيل فترة النمو منذ فترة الولادة وحتى أواخر مرحلة الدراسة الابتدائية. 

ويشير آخرون إلى أن ارتباطات الاعصاب يمكن تعديلها طوال مراحل العمر من خلال وصلات جديدة تتشكل حتى في مرحلة متأخرة من عمر الإنسان. وبالنسبة للتربويين الذين يؤيدون وجهة النظر الأولى، يرون بأن زيادة البرامج والأنشطة الموجهة إلى أطفال مرحلة ما قبل المدرسة في غاية الأهمية ووجهة النظر الثانية تؤيد تقديم مواضيع معقدة في فترة مبكرة من المنهاج بدلاً من استخدام الطرق التقليدية. أما الثالثة، فهي تشجع جهود التعلم طوال سنوات الحياة . 

إن الروابط ما بين التعلم وعدد الوصلات العصبية، أو الإطار الذهني لنمو هذه الروابط غير مفهوم بشكل واضح. ففي حالة الابصار، تشير الأدلة أنه بعد فترة نمو حساسة يصبح البصر حاداً أو أنه يفشل . أما بالنسبة لتعلم الموسيقى، فقد وجد بعض الباحثين أنه كلما ازدات مدة عزف الشخص على آلة موسيقية، كلما تكرست قشرة المخ للسيطرة على حركات الاصابع اللازمة للعزف. إن ممارسة غزف الموسيقى وتطور التعليل الخيالي (المهارات التي يمكن أن تتحول إلى فهم حسابي رياضي) تبدو مترابطة . 

هذه الاستنتاجات وغيرها تشجع المعلمين والآباء على تعريض أطفال صغار جداً لسلسلة من تجارب التعلم - مثل تقديم المكعبات والأشكال الخرزية لتناولها ومشاهدتها وتفحصها، والتحدث إلى الطفل، واللعب معه. 

إن منهاج NCTM ومعايير التقييم تشجع معلمي دور الحضانة على السماح للطلبة على العمل مع الأنماط ، التصنيف ، التعداد، وأن من الضروري تشجيع الأطفال على المشاركة في مناقشات حول هذه الأنماط، وإعطاء بيانات وتحليلات ، وتسلسل منطقي لها ، إضافة إلى تكوين الإحساس بالأرقام لديهم. كما أن إدخال لغة ثانية يكون بأفضل حالات نجاحه في السنوات الأولى من العمر. 

وفي الحقيقة، فإن بعض الباحثين يعتبرون السنة الأولى من الحياة على أنها أفضل "نافذة للفرص" لتسريع التعلم . 



 العواطف والدماغ : 

ربما يجد التربويين أن أفضل المعلومات المفيدة في الأبحاث هي تلك التي تركز بشكل أقل على البنية الفيزيائية والكيميائية العضوية للدماغ وبشكل أكثر على مزج الدماغ المعقد للأفكار والإدراكات، والمشاعر، والتعليلات. إلا أن الدراسات التي تبحث في تأثيرات العواطف على التعلم تشير إلى أن التوتر والخوف المتواصل في أي عمر، يمكن أن يقلل من وصلات الدماغ الطبيعية. 

إن قدرات الشخص الجسمانية والعاطفية ترتبط بشكل وثيق بالقدرة على التفكير والتعلم بكفاءة . وأن البيئات المحبطة عاطفياً في المدرسة كانت أم في البيت تقلل من إنتاجيات محاولات الطلبة للتعلم. وبينما لا تستطيع المدارس السيطرة على جميع المؤثرات التي تحد من شعور شخص صغير بالأمان والعيش الكريم، فإن المدارس وغرف الصفوف التي تبني جواً من الثقة والأمان ، فإنها تعمل بذلك على تعزيز عملية التعلم. 

كما أن إعطاء الطلبة فرصاً للتعبير عن مشاعرهم يمكن أن يساعدهم على بناء مهارات الاستماع إلى زملائهم وملاحظاتهم. إضافة إلى ذلك، فإن ايجاد وتوفير طرق للتعبير عن العواطف يساعد الطلبة على التعامل مع حالات الغضب، والخوف، والأذى، والتوتر في الحياة اليومية ومواقفها. 

· الذكاءات المتعددة : 

هنالك تفسير شائع آخر للأبحاث حول التعلم البشري وهو يعتمد على نظرية هاوارد جاردنر (Haward Gardner) للذكاءات المتعددة. وقد نشر كتابه لأول مرة سنة (3891) بعنوان "أنماط العقل" حيث أشار إلى وجود سبعة أنواع للذكاء (اللغوي، المنطقي - الحسابي، والخيالي/التخيلي، والعضلي الرياضي، والموسيقي، والشخصي، والاجتماعي) يعرضها الإنسان بأشكال فردية متميزة وفريدة. 

وقد تم تبني وتحويل نظريات جاردنر إلى تفسيرات منهجية وهناك الكثير من المعلمين الذين كثيراً ما يتجاوبون مع مفهوم أن الطلبة يتعلمون من خلال طرق عديدة، كما يعتقدون بأن غرفة الصف التي توفر سلسلة فرص التعلم تضاعف رغبات عدة طلاب بالنجاح . 

كما أن جاردنر نفسه يتصدى لانتشار تطبيق نظريته في كل موقف تعلمي. أن جميع المفاهيم لا تنطبق على كل تشكيله من قائمة جاردنر. ومحاولة عرض كل درس من خلال سبعة أنماط تدفع بالنظرية إلى الوراء بعيداً عن جدواها العملية. وكذلك يجب عدم استخدام هذه الأنماط على أساس أنها مؤشرات تشخيصية لمواهب الطالب. 

نكمل القراءة سويا ان شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق